Image: South Korean commuters watch TV coverage of the North Korean missile launch from a Seoul railway station. (AFP: Jung Yeon-je)

بقلم ثاليف دين

الأمم المتحدة (وكالة IDN-InDepthNews) - تخوض الأمم المتحدة، التي تواجه حاليًا روسيا المسلحة نوويًا والتي تعتدي على أوكرانيا في حرب مدمرة تقترب الآن من شهرها الثالث، مواجهة فاشلة بنفس القدر مع كوريا الشمالية التي تنتهك علانية العديد من قرارات مجلس الأمن مع استمرارها في إطلاق الصواريخ الباليستية التي تهدد الدول المجاورة.

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، أمام مجلس الأمن الدولي في 11 مايو، أن الولايات المتحدة تدين بشدة إطلاق جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) للصواريخ البالستية في 16 أبريل و4 مايو و7 مايو.

وقالت أن عمليات الإطلاق هذه ليست سوى أحدث حلقة في سلسلة عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية التي أجرتها جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في الأشهر الأخيرة، وكل واحدة تعد انتهاكًا صارخًا للعديد من قرارات مجلس الأمن.  

"لقد أجرت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية 17 — وأكرر الرقم 17 مرة لأنني سمعت أرقامًا مختلفة في القاعة اليوم — لقد أجروا 17 عملية إطلاق صاروخ باليستي هذا العام وحده".

ثلاثة منها على الأقل كانت صواريخ باليستية عابرة للقارات. كان أحدها صاروخًا باليستيًا متوسط المدى، واثنان من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت؛ واثنان وصفا بأنهما نوع جديد من صواريخ الأسلحة النووية التكتيكية. وأشارت إلى أن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تعيد بناء ساحة التجارب النووية استعدادًا لتجربة نووية سابعة.

كل هذه الصواريخ الباليستية، وكذلك التجارب النووية، تنتهك قرارات مجلس الأمن. إنها تشكل تهديدات للأمن الإقليمي والدولي. وهم يسعون إلى تقويض النظام العالمي الخاص بعدم انتشار الأسلحة النووية".

ويجب على المجلس أن لا يسكت على ما يحدث. لكن مجلس الأمن ظل صامتًا لأن اثنين من أعضاء المجلس جادلوا بأن ضبط النفس في المجلس سيشجع بطريقة ما جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية على التوقف عن التصعيد والجلوس بدلًا من ذلك إلى طاولة المفاوضات.

والعضوان الدائمان اللذان يتمتعان بحق النقض (الفيتو) في المجلس والتي رفضت السفيرة الأمريكية ذكر اسمهما هما الصين وروسيا.

وأضافت قائلة بأنه وفقًا للقرار رقم 2397، التزم مجلس الأمن باتخاذ إجراءات لتقييد تصدير النفط إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية إذا قامت بإطلاق نظام صواريخ باليستية قادر على الوصول إلى نطاقات عابرة للقارات. ونظرًا لإحاطتها الكاملة بهذا القرار، مضت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية قدمًا في إطلاق ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ باليستية عابرة للقارات هذا العام.

وأشارت المبعوثة الأمريكية كذلك إلى أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، عرقل هذان العضوان كل محاولة لفرض وتحديث قائمة العقوبات المفروضة على جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، مما سمح لها بمواصلة أفعالها غير المشروعة.

السفيرة البريطانية باربرا وودوارد خاطبت مجلس الأمن قائلة "ها هو المجلس يجتمع مرة أخرى لإدانة إطلاق الصواريخ الباليستية من قبل كوريا الشمالية. وكما سمعنا، فقد أطلقت كوريا الشمالية 17 صاروخًا باليستيًا خلال هذا العام وحده — كل منها ينتهك قرارات مجلس الأمن".

وأضافت أنه خلال عام 2021، أجرت كوريا الشمالية ثماني تجارب صاروخية. "لذا، يجب علينا أن لا نتهاون بشأن التصعيد في وتيرة هذه التجارب والقدرة الصاروخية التي تمثلها عمليات الإطلاق الـ 17 هذه".

وردًا على التقارير التي تفيد بأن كوريا الشمالية تخطط لإجراء تجربة نووية، قال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق للصحفيين في 9 مايو "لا أريد أن أحكم مسبقًا على ما سيحدث. لا أريد أن أتحدث بشأن توقعات حدوث تجربة نووية أم لا".

وأضاف قائلًا: "لقد أعربنا بالطبع عن مخاوفنا بشأن جميع التجارب الصاروخية السابقة، وما زلنا نكرر إعرابنا عن تلك المخاوف. إلا أننا في النهاية، نريد أن ندعو، مرة أخرى، جميع الأطراف في شبه الجزيرة الكورية إلى العودة إلى الحوار حتى نتمكن من المضي قدمًا في برنامج نزع السلاح النووي السلمي من شبه الجزيرة الكورية".

كما تحدث الدكتور ألون بن مئير، أستاذ العلاقات الدولية المتقاعد في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك والذي قام بتدريس دورات حول التفاوض الدولي ودراسات الشرق الأوسط لأكثر من 20 عامًا، إلى وكلة IDN-InDepthNews قائلًا: بأنه ليس هناك شك في أن إطلاق الصواريخ خلال الأشهر الأربعة الماضية كان أكثر تواترًا بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة خلال نفس الفترة الزمنية.

"لا أرى كيف ستتوقف كوريا الشمالية عن تحسين برنامجها للصواريخ الباليستية وتوسيع ترسانتها النووية، ما لم يكن هناك اتفاق جديد، وتحديدًا مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، لن يُمرّر مثل هذا الاتفاق إذا استمرت الولايات المتحدة في الإصرار على ضرورة موافقة كوريا الشمالية على التخلي تمامًا عن ترسانتها النووية".

وقال "في أحسن الأحوال أشعر أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق إلا إذا جمدت كوريا الشمالية برنامجها، الباليستي والنووي، على أن يكون الشرط الأساسي لذلك هو استئناف المفاوضات وإلغاء العقوبات الاقتصادية وخصوصًا تلك التي فُرضت على كوريا الشمالية خلال العقد الماضي".

لكنه أشار إلى أنه في الوقت نفسه، سيتعين على كل من كوريا الشمالية والجنوبية التعاون بشكل مباشر وبنّاء على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بحيث يؤدي إلى تطبيق شكل من أشكال تطبيع العلاقات بين البلدين كشرط أساسي للوصول إلى اتفاق أوسع وأكثر استدامة.

وردًا على سؤال حول تعليق صدر عن دبلوماسي كوري شمالي ذكر فيه أنه لم تتم مهاجمة أي دولة لديها أسلحة نووية، قال "هذا بالتأكيد صحيح".

وقال الدكتور بن مئير أن كوريا الشمالية لا تزال تشعر بالتهديد من قبل الولايات المتحدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بينهما، وبالتالي، فإنها لن تتوقف عن تطوير كلا البرنامجين حتى يتم التوصل إلى اتفاق.

كما أشار إلى أنه من المهم أن تجدد الولايات المتحدة التزامها بأمن حلفائها في المنطقة، وتحديدًا كوريا الجنوبية واليابان، لأن هذا من شأنه بالتأكيد ردع كوريا الشمالية عن تهديد أي من هذين البلدين.

وقال كذلك أنه لا يمكن أن يستمر الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى لأن تطوير كوريا الشمالية لأسلحة نووية مع أنظمة إطلاقها له تأثير مزعزع للاستقرار لأنه يزيد من مستوى القلق والمخاوف في المنطقة.

وأضاف قائلًا "على الرغم من أن الصين لديها بالتأكيد بعض القلق بشأن برنامج كوريا الشمالية، إلا أنها لا تنتقد كوريا الشمالية علانية، لأن البلدين يجريان بشكل منتظم محادثات خاصة حول هذا الموضوع. تعتمد كوريا الشمالية بشكل كبير على الدعم السياسي والاقتصادي الصيني ولن ترغب في إثارة حفيظة الصينيين. وبشكل عام، توافق الصين على أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية هو مصدر عدم استقرار، لكنها لا ترى أنه يمثل تهديدًا وشيكًا".

وتحدثت الدكتورة ريبيكا جونسون، ناشطة في "دبلوماسية نزع السلاح" ومؤلفة تقرير "الأسلحة النووية محظورة" لعام 2022، إلى وكالة IDN-InDepthNews قائلة: "سيستمر قادة كوريا الشمالية في صنع ونشر أسلحة نووية طالما أنهم يخشون القوات النووية الأمريكية وضغوطاتها العسكرية".

وأشارت الدكتورة جونسون إلى أن "التغيير على ثلاثة مستويات مترابطة سيمكن قادة كوريا الشمالية من إنهاء الاعتماد على التهديدات العسكرية والأسلحة النووية التي لا يمكن استخدامها أبدًا دون تدمير كامل البلاد، إن لم يكن كوكبنا بأكمله."

أولًا، يجب أن تكون هناك اتفاقية سلام مدعومة من الأمم المتحدة وتشارك فيها بشكل مباشر كل من كوريا الشمالية والجنوبية والولايات المتحدة، على النحو الذي دعت إليه منظمة WomenCrossDMZ وغيرها.

وقالت أن هذه الاتفاقية يجب أن تكون أشمل من هدنة عام 1953، وأن تتعامل مع القضايا الإنسانية وقضايا السلام وبناء الثقة المعلقة التي أزهقت أرواح الكثيرين منذ الحرب الرهيبة التي قسمت شبه الجزيرة الكورية.

ثانيًا، يجب استئناف المحادثات السداسية بشكل عاجل بين كوريا الشمالية والجنوبية والصين وروسيا والولايات المتحدة واليابان. وتحتاج هذه المفاوضات إلى وضع برنامج نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية في إطار أوسع لبناء الأمن الإقليمي من خلال إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية تغطي شمال شرق آسيا.

ثالثًا، إذا تم اتخاذ خطوات نزع السلاح النووي جنبًا إلى جنب مع الانضمام إلى معاهدة 2021 لحظر الأسلحة النووية (TPNW) فإن ذلك سيزيد بشكل كبير من سلامة وأمن شبه الجزيرة الكورية.

"مع بدء تنفيذ معاهدة حظر الأسلحة النووية على الصعيد الدولي، والتي من المقرر عقد اجتماعها الأول للدول الأطراف في فيينا في يونيو، فإن الخطوات المبكرة التي اتخذتها اليابان وكوريا الجنوبية نحو الانضمام إلى هذه المعاهدة التي تدعمها الأمم المتحدة ستساعد على إشراك كوريا الشمالية من خلال توفير آليات غير تمييزية للمساعدة في مراقبة وإزالة التهديدات والتقنيات الخاصة بالأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية".

وأفادت بأن هذه الخطوات ستكون أكثر فاعلية إذا كانت مدعومة بالتزامات من الصين وروسيا والولايات المتحدة بأنها لن تنشر أو تستخدم أسلحة نووية في المنطقة.

وقالت الدكتورة جونسون، ناشطة السلام النسوية الإيكولوجية، أنه خلال انتظار الالتزام بمعاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW) وتماشيًا مع التزامات معاهدة حظر الانتشار النووي وميثاق الأمم المتحدة، تحتاج جميع الدول إلى مساعدة الكوريين الشماليين على إنهاء البرامج العسكرية النووية التي تهدد بقاءهم والأمن العالمي.

وردًا على سؤال حول إطلاق الصواريخ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين أن ذلك يوضح حقيقة أن برنامج الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية، وبرنامجها للأسلحة النووية، يشكلان تهديدًا لجيران جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.

وأضاف قائلًا "إنهم يشكلون خطرًا على المنطقة. إنهم يشكلون تهديدًا للسلام والاستقرار في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة - وقد قلنا هذا من قبل؛ وقد قلناه أيضًا في أعقاب الاستفزازات الأخيرة - نحن ملتزمون تمامًا بالدفاع عن حلفائنا في المعاهدة، جمهورية كوريا واليابان، ونعتبر التزامنا هذا التزامًا صارمًا".

وردًا على سؤال حول عدم انتقاد الصين لكوريا الشمالية، قال برايس "جمهورية الصين الشعبية، هي بالطبع عضو دائم في مجلس الأمن الدولي. إن حقيقة وجود العديد من قرارات وبيانات مجلس الأمن هي نفسها شهادة على حقيقة أن البلدان في جميع أنحاء العالم - بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية - تعترف بأن برنامج الصواريخ الباليستية لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وبرنامجها للأسلحة النووية هما مصدر لعدم الاستقرار، ومصدر لانعدام الأمن، وأنهما يشكلان تهديدًا للمنطقة ككل". [وكالة IDN-InDepthNews — في 12 مايو 2022]

الصورة: مسافرون كوريون جنوبيون يشاهدون تغطية تلفزيونية لإطلاق صاروخ كوري شمالي من محطة سكة حديد في سيول. (وكالة الصحافة الفرنسية (AFP): جونغ يون جي)